17 - 07 - 2024

إيقاع مختلف| افتح يا حنين

إيقاع مختلف| افتح يا حنين

واقفاً أمام بوابة كنز العمر الخبىء، هاتفاً: "افتح يا حنين"، فإذا بالمغارة المكتنزة تفتح أمامى بوابتها المسحورة، لا لأعثر على الذهب والياقوت والمرجان، بل لأعثر على دفء الصداقة وآيات الوفاء وعطر الذكريات الثمينة التى لا يمكن أن توزن بذهب ولا فضة ولا حجر كريم.

هكذا وجدت نفسى، وأنا أتلقى تعليقات القراء على مقالى فى العدد الماضى "من أوقد وهج الضوء؟".

ومالى أقول "القراء" وما هم بقراء وفقط؟!

فهذا هو صديقى الجميل ابن مدينة بورسعيد الباسلة، يترك عطره على المقال، فيذكرنى بسنوات هجرتهم من بلدهم الساحر إلى بلدتنا الصغيرة، ويعيدنى إلى سباقنا النبيل فى تحصيل العلم فى سنوات دراستنا الابتدائية، ونحن لا ندرك أننا فى الوقت ذاته نكتب معاً أنبل قصص الصداقة وأروع ذكريات الطفولة، كانت حكاياه عن بورسعيد تجعلها فى عينى جنة الدنيا فى أرضه، وكان حنينه إليها يجعلها فى عينى أبعد بلاد العالم، وكأنها قطعة من حكاية أسطورية لا مكان لها على الأرض.

وهؤلاء هم زملاء الدراسة الإعدادية والثانوية وزميلاتها، وهم يعيدون إلى الحاضر قبساً من ضوء الماضى الجميل الرائق الرقيق، لقد صار عدد غير قليل منهم معلمين ومعلمات، وصاروا هم فى مكان أساتذتنا الذين أوقدوا وهج الضوء فى حياتنا، لكنى ألمس فى كلماتهم ذلك الأسى الدفين على ما طرأ على علاقة التلميذ بالمعلم من تشوه، وأحس بشكوى مكتومة على ما آل إليه حال المعلم منذ وقت ليس بالقصير.

وهؤلاء هم المبدعون الكبار من أصدقائى فى مختلف أقطار العالم العربى، وقد تآلفوا جميعاً ليصنعوا مشهداً بديعاً، وليضيئوا بمشاعرهم قناديل الكلمات.

أحسست أننى فقط أشعلت عود ثقاب لتشتعل حرائق البهجة، نعم للبهجة حرائقها التى تدفء وتضىء دون أن تلسع أو تكوى أو تؤلم.

لقد شعرت أننى فتحت فقط بوابة الكنز الثمين، ليستعيد كل منا ذكرياته الخاصة مع أساتذته الذين فتحوا له أبواب الحياة وعلموه أبجدياتها.

لكن أهم ما كشفته لى تلك التعليقات أن رهانى على البناء القيمى الراسخ لدى الإنسان المصرى لا يمكن أن يكون رهاناً خاسراً، فقد كشفت لى عن حالة من التعطش الشديد لأن ننفض غبار الأيام وضجيجها عن أثمن ما نملك: قيمنا، وتحضرنا، وأخلاقنا الرفيعة الأصيلة، ومشاعرنا الصادقة السامية، التى يظن البعض أنها تلاشت؛ لكثرة ما تراكم عليها من أتربة العصر بكل ما فيه عشوائية فى الذوق واختلاط فى المعايير والتباس فى المواقف.

فهل يمكن لنا معاً ننفض هذا الغبار، ونستعيد ذواتنا، وألا نسمح لشىء كائناً ما كان أن يسلبنا جوهرنا النفيس؟!!
 -----------------

بقلم: السيد حسن

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة